تطبيقات جهاز PCR
أي فكرة في العالم تنبع أهميتها من إمكانية الاستفادة منها على أرض الواقع
والحقيقة أن تطبيقات جهاز PCR فاقت الفكرة بكثير ومجالات استخدامه لم تنحصر في الأبحاث العلمية رغم أهميتها
سأذكر بعض هذه الاستخدامات وسأبدأ بأقربها للجميع قبل الدخول في الاستخدامات التخصصية
1- التحقيق في القضايا الجنائية:
وهذه شهدت تطورا" رهيبا" بعد PCR
فعند حدوث جريمة كانت التحقيقات تدور حول من له مصلحة من الجريمة ومن كان موجودا" وقتها وكانت الأدلة المادية تنحصر في بصمات أصابعه وعينة من دمه وغيرها أو بعض مقتنياته
طبعا" هذه الطرق نافعة ومهمة ولكنها تأتي بعد الدليل القاطع وهو DNA خصوصا" في نمط القضايا المرتكبة حاليا" في أوروبا وأمريكا
فالكثير من القضايا كالسرقة أو الاعتداء أو القتل تتم دون معرفة مسبقة بين الجاني والضحية وأحيانا" لا يكون الجاني من المنطقة نفسها وإنما مارا" بها ولم يره أحد
وهناك ملف ضخم يعرف باسم Cold cases أي القضايا التي مضى عليها وقت طويل ولم يعرف مرتكبها بعد
وهي أكثر القضايا التي استفادت من تقنية PCR
الأمر ببساطة أن مادتك الوراثية هي خاصة بك أنت ولا تتشابه مع أحد إلا في حالات التوائم المتطابقة تماما"
أي أنها مثل بصمة اصبعك المميزة لك أيضا" ولكن تختلف عنها بأنها لا تمسح بعد فترة من الوقت
لذلك وجود أي بقعة في مسرح الجريمة خاصة اذا تخلل الحادثة عراك بين الجاني والضحية لابد أن يترك آثارا" من كليهما
ومهما صغر الأثر أو كان غير ملاحظا" فإنه إن كان يحوي على DNA نستطيع تضخيمه ب PCR وبالتالي يصبح لدينا ملايين النسخ من DNA المجهول مما يسهل كثيرا" تتبعه
واذا تطابق هذا الأثر مع أثر لشحص محدد مهما كان بعيدا" عن الشبهات أو عن مسرح الجريمة فإنه يدينه إن لم يكن بارتكاب الجريمة فعلى الأقل بالتواجد في هذا المكان أثناء ارتكابها
ولذلك تنبهت الدول المتقدمة إلى أهمية DNA فعملت على إعداد بنوك تضم عينات جميع المجرمين والمشتبه بهم ومن تم إيقافهم لأي سبب ليتم المقارنة عن طريق الكومبيوتر بين هذه العينات وبين العينة المجهولة
وإن كان الكثيرون قد اعترضوا على إدخال عينات من تم إيقافهم لأسباب واهية وقد ثبتت برائتهم إذ أن هذا الاجراء يضمهم إلى قائمة المجرمين
كما أن بعض الدول استحدثت طلب يضاف إلى من يريد الحصول على فيزا لها بأخذ عينة من مادته الوراثية وهذه التقنية مطبقة حاليا" في سفارات أمريكا في بعض دول الخليج
إحدى القضايا كان قد مر على ارتكابها 22 سنة وقد تعرضت الضحية لحادثتي إغتصاب وقتل ولم يعرف القاتل أبدا" ثم جاءت تقنية DNA وتم تطبيقها على عينة من القميص التي كانت ترتديه الضحية لتتطابق مع شخص في ولاية أخرى بعيدة لا يعرف الضحية ولا عائلتها من قريب ولا بعيد ولولا تطابق العينة ماشك به أحد أبدا" ولا ربطه بالجريمة
ولكن لديه حادثة سابقة مما سبب إدراج مادته الوراثية في الكومبيوتر وهكذا اكتشف القاتل وحقا" أن الله يمهل ولا يهمل
-2 فحوص إثبات النسب
يعد فحص DNA دليل قاطع على نسب الطفل في حال توفر العينات الثلاث للأب والأم والطفل
ويعد تفاعل PCR هو الخطوة الأولى والرئيسية في هذا الفحص
إذ يتم تضخيم المادة الوراثية للثلاثة ثم فحصها ودراسة التطابق بينها
فحص إثبات النسب بواسطة فحص DNA حل مشكلة كبيرة وأعطى جواب لا شك فيه ولكن يلزمه توفر عينات من الأب والأم والابن لأنه يعتمد على المقارنة
-3 الهندسة الوراثية:
بعد أن تمكن العلماء من مضاعفة DNA خارج الخلية الحية والحصول على ملايين النسخ منه خطرت الفكرة التالية لهم:
بدلا" من مجرد مضاعفة DNA لماذا لا نقوم بتغييره ؟
وسهل ذلك اكتشاف العلماء مسبقا" لنوعين من الأنزيمات
الأول هو restriction enzymes وهذه عائلة من الأنزيمات لها القدرة على قص تسلسل DNA في مناطق محددة نتيجة لتعرفه على تسلسل معين يتكون عادة من ست نيكليوتيدات متتالية
الثاني هو Ligase الذي يعمل بعكس الأنزيم السابق إذ يقوم بلصق قطع منفصلة من DNA عند تعرفه على تسلسل معين
أي أن الأنزيمين المذكورين يعملان مثل المقص والغراء
اكتشف أول restriction enzyme في عام 1970 وحصل مكتشفوه وهم
Danial Nathans , Werner Arber و Hamilton Smith على جائزة نوبل في الطب عام 1978
ويوجد أكثر من 600 نوع من هذه العائلة
أهم مجالاتها هي :
أولا": Recombinant DNA وإنتاج البروتين صناعيا"
وهي جمع قطع مختلفة من DNA لا تتواجد طبيعيا"
عند تصنيع Primer لمضاعفة DNA نقوم بوضع تسلسل معين ضمنهما بالتسلسل المطلوب لعمل أحد أنواع restriction enzyme
وعند مضاعفة DNA يتكون عندنا ملايين النسخ من المركب الجديد
نقوم بقص هذا المركب الجديد بالأنزيم المذكور ونلصقه مع قطعة DNA أخرى عائدة لنوع من البكتيريا مثلا"
(البكتيريا تحتوي عادة على نوعين من DNA
النوع الأول وهو عبارة عن سلسلة طويلة اسمه genomic
النوع الثاني عبارة عن دائرة حلقية اسمه plasmid وهذا النوع يتميز بقدرته على التضاعف الذاتي)
يتم غالبا" وصل قطعة DNA مع البلاسميد الذي يتضاعف ذاتيا" فيزداد عدد النسخ التي نملكها زيادة هائلة
ثم ننقل البلاسميد لبكتيريا أخرى تتكاثر بمعدل هائل ليزداد العدد من جديد
ثم نسمح للبكتيريا بالتعبير عن المورثة المطلوبة أي تحويل DNA إلى mRNA ثم إلى بروتين
ثم نحطم البكتيريا ونحصل على البروتين من داخلها بعد تنقيته
وهكذا نحصل على كميات هائلة من البروتين صناعيا"
-2 معالجة الأمراض وراثيا":
هذه الفكرة حديثة النشوء وماتزال الكثير من التجارب تجرى عليها
ولكن البعض اعتبرها مستقبل الطب وأنها قد تكون البديل للكثير من العلاجات الحالية
تعتمد الفكرة على أن الكثير من الأمراض ناشئة عن غياب لمورثة محددة أو عن تشوه في هذه المورثة
إذا" لماذا لا نقوم باصلاح المورثة أو بتقديمها في حال غيابها؟
والقصة بدأت في عام 1990 مع بنت صغيرة تعاني من نقص مناعة شديد بحيث كانت عرضة لأي التهاب وكان هذا الأمر يهدد حياتها مما يتطلب عزلها عن الناس وإلباسها لباس معقم طوال الوقت
وسبب هذا المرض غياب مورثة محددة واسمه
SCID) Severe Combined immunodeficiency )
قام العلماء بأخذ بعضا" من خلابا الدم البيضاء من جسمها وتركوها تنمو في المختبر ثم أضافوا لها المورثة المفقودة وأعادوا الخلايا المعدلة وراثيا" إلى جسمها
قوى هذا الأمر مناعة الطفلة بنسبة 40 بالمئة مما سمح لها بالذهاب إلى المدرسة
ولكن هذا الأمر لم يكن علاجا" نهائيا" للمرض حيث أن العملية كان يجب أن تكرر كل بضعة اشهر
ومع ذلك تمكنت الفتاة من الحياة بشكل طبيعي ولم تمت في طفولتها كما يحدث مع من يعاني من نقص المناعة الشديد
وإن كان البعض قد احتج بأن الفتاة كانت تتناول دواء في تلك الفترة وأن النجاح ربما لا يعزى في كامله للعلاج بالمورثات
وقد تم إخضاع خمسة رضع يعانون من هذا المرض للعلاج الوراثي فشفي أربعة منهم تماما" من المرض
في حادثة أخرى تمكن العلماء في جامعة بنسلفانيا من علاج ستة مرضى يعانون من تجلط شديد في خلابا الدم بسبب نقص العامل رقم 9 أو ما يسمى Fector IX
تم إدخال العامل المفقود إلى مادتهم الوراثية
على أن هذا الأمر يلزمه الكثير الكثير من الأبحاث والاختبارات قبل الموافقة عليه
ففي عام 1999 تعرض هذا العلم لنكسة قوية بسبب وفاة أحد الأشخاص الذين اتبعوا المعالجة الجينية
فلإيصال المورثة المفقودة إلى المادة الوراثية للمريض يتوجب استخدام حامل لهذه المورثة أو ما يسمى Vector
ويكون هذا الحامل غالبا" عبارة عن فيروس عدل وراثيا" بحيث يحمل المورثة المفقودة وفي نفس الوقت لا يضر المريض
ولكن المريض الذي توفى وعمره 18 سنة كان يعاني من نقص أنزيم يمنع الكبد من تحطيم الأمونيا وهذا المرض اسمه ( ornithine transcarboxylase deficiency (OTCD وأرجعت وفاته إلى ردة مناعية قوية لجهاز المناعة ضد الفيروس المستخدم كحامل في العلاج
وتبعا" لحادثة وفاة أخرى منع FDA استخدام نوع محدد من الفيروسات في هذا العلاج في عام 2003 ثم خفف المنع في حالة الأمراض المهددة للحياة
لكي ينجح هذا النوع من العلاج يتوجب:
1- أن تعيش الخلايا التي تم تعديلها وراثيا" لفترة طويلة وبفعالية قصوى ولكن مع انقسام الخلايا المتكرر يتوجب تكرار هذه العملية
2- ألا يهاجم جهاز المناعة هذا الجسم الغريب بالنسبة له وقد يتحقق الأمر في المرة الأولى للعلاج ولكن مع تكرار إدخال الخلايا يكون جهاز المناعة قد تعرف عليها وجهز أضداد لها
3-استخدام الفيروسات كحامل غير مأمون الجانب تماما" فعدا عن السمية وعن رد الفعل المناعي ماذا لو استعاد الفيروس قدرته الهجومية داخل جسم الإنسان؟
4-بعض الأمراض سببها تغيرات جينية في أكثر من مورثة واحدة مما يصعب العلاج الجيني حيث أن ذلك يستلزم إصلاح جميع هذه المورثات
أي أن العلاج الجيني قد لا يطبق على جميع الأمراض ولكنه يحمل أملا" للكثيرين
آلية عمل الفيروسات المستخدمة في علاج الأمراض وراثيا" واسمهاReterovirus تعتمد أساسا" على التدخل في المادة الوراثية للخلية المضيفة حيث يهاجم الفيروس الخلية ويدخل مادته الوراثية ضمن التسلسل الوراثي لها ومع تضاعف الخلية ونموها يتم إنتاج المزيد من الفيروسات وهكذا
الفكرة من استخدام الفيروسات كحامل في هذا النوع من المعالجة أنها قادرة على الوصول للمادة الوراثية للخلية والتي تكون محمية بشكل كبير حيث توجد في نواة الخلية بعيدة عن السطح ويحيط بها غلاف لا يسمح لأي كان بالدخول للنواة
كتشبيه بسيط هو مثل قفل الباب
لكن الفيروسات معها مفتاحها الخاص فتستطيع الدخول لابل إنها تتدخل في ترتيب بيت مضيفتها فتتحكم في مادتها الوراثية
عند استخدام الفيروسات لهذا الغرض يتم تعديلها وراثيا" بحيث ندخل المورثة الناقصة التي نريد إدخالها إلى التسلسل الوراثي وتكون المورثة مرتبطة بمحرض أي أنها لاتنتج تلقائيا" وإنما استجابة لمادة ما أي عندما نقوم بإعطاء هذه المادة للمريض يتحرض إنتاج المورثة لديه فيمكننا التحكم فيها
ويتم تعديل الفيروسات أيضا" بحيث لا تكون ممرضة للإنسان فنضيف إليه مرضا" آخر بدلا" من أن نعالجه
لكن الحقيقة أنه من غير المضمون ماسيحدث للفيروس بعد دخوله إلى الجسم فهو لكي
يعيش ويتكاثر لابد له من أن يكون داخل كائن حي وبالتالي قد يستعيد قدرته على إمراض الإنسان( والتي سلبت منه في المختبر خارج الجسم ) بعد أن يدخل إلى جسمه بتحريض ما
هناك أنواع فيروسات أخرى تم تجربتها واستعمالها غير هذا النوع الذي ذكرته والذي وضعت عليه FDA حظرا" للأسباب السابقة ولكنه يبقى الأكثر استعمالا" في التجارب
تختلف آلية تأثير الأنواع الأخرى باختلاف النوع فهناك النوع الذي يسبب الرشح وهو
Adenovirus وهو يستعمل بعدإيقاف مفعوله الممرض ويعتبر أكثر آمانا" من النوع الأول لكنه ذو تأثير قصير جدأ"
وهناك نوع اكتشف حديثا" اسمه Adeno-associated Virus يعتقد بأنه موجود بشكل طبيعي في جسم الإنسان وبالتالي فهو غير ممرض
وهناك Herpes simplex virus المسبب لمرض الهربس وهو يستعمل إذا أردنا الوصول إلى الجملة العصبية المركزية لأن له القدرة على الدخول إلى الخلايا العصبية وتدميرها وهناك دراسات أثبتت ترافقه مع حدوث مرض الزهايمر
طبعا" كل هذه الفيروسات تستعمل بعد التأكد التام من إزالة خطرها وبعد التجارب على الحيوانات
كما أن المريض يكون على علم بطبيعة العلاج ولكن إذا كان المرض مستعصيا" ومميتا" يصبح استعمال الفيروسات هو أهون الشرين
الكشف عن وجود الفيروسات في الجسم:
لكي نبين أهمية PCR في الكشف عن الفيروسات يتوجب المرور على الطريقة التقليدية أولا"
كانت الطريقة المتبعة لمعرفة وجود فيروس في الدم هي التفاعلات المناعية
فعند دخول أي فيروس إلى الجسم يقوم جهاز المناعة بتصنيع أضداد له كمحاولة من الجسم للقضاء على الفيروس
وجود هذه الأضداد في الدم تدل على وجود الفيروس إذ أنها خاصة به أي لا تستعمل لصد هجوم فيروس آخر كما أن الجسم لن يصنعها إلا ردا" على وجود الفيروس
ولذلك اعتمدت تحاليل الكشف عن الفيروسات على الكشف عن هذه الأضداد
الأضداد هي أساس علم المناعة واللقاحات إذ أن اللقاح عبارة عن فيروس مضعف جدا" أو مقتول لا يشكل خطرا" على الشخص الخاضع للتلقيح لكنه يدفع جهاز مناعته لانتاج أضداد له مما يسهل على الجسم القضاء على الفيروس في المرة الثانية نظرا" لجاهزية الأضداد فلا يصاب الانسان بالمرض
لكن بعض الفيروسات تغير من شكلها وبنيتها الخارجية مما يصعب على الجسم التعرف عليها وتصبح الأضداد التي شكلها الجسم في المرة الأولى عديمة الفعالية لأنها لا تنفع في محاربة الشكل الجديد
وذلك يفسر عدم وجود لقاحات دائمة ضد مرض الانفلونزا مثلا"
لا تتشكل الأضداد مباشرة بعد إصابة الإنسان بالفيروس إذ أن الجسم يحتاج وقتا" لكي يتعرف على الفيروس الجديد ويدرسه
وهذه النقطة مهمة وجوهرية عند الحديث عن نقل الدم
فعند التبرع بالدم تقوم المخابر باجراء التفاعلات المناعية على العينة لبيان فيما اذا كانت مصابة بأحد الأمراض الخطيرة التي تنتقل بالدم مثل فيروسات التهاب الكبد أو فيروس الايدز
ولكن لو كان الشخص مصابا" من فترة قريبة قبل تبرعه بالدم قد لا يكون جسمه قد بدأ بمحاربة الفيروس وبتشكيل الأضداد الخاصة به وبالتالي تكون نتيجة الفحص سلبية كاذبة
وهكذا تصنف هذه العينة على أنها سليمة بينما هي في الحقيقة تحتوي على الفيروس
وهي مهمة جدا" للعينات المصابة بفيروس التهاب الكبد C الذي يتأخر الجسم في صنع أضداد له مما يرفع هامش الخطر لنقل العينة المصابة لشخص آخر عند التبرع بالدم
ومن هنا تنبع أهمية PCR
فبدلا" من الكشف عن الفيروس بطريقة غير مباشرة عبر الأضداد يستخدم PCR للكشف عن وجود المادة الوراثية الخاصة بالفيروس
هذه الطريقة سريعة وبسيطة وغير مكلفة فهي تعطي نتائج موثوقة عن وجود الفيروس من عدمه
وهي تضمن الكشف عن الفيروس في مراحل الاصابة الأولى
أي كائن حي صغر أو كبر يحتوي على مادة وراثية سواء كانت DNA أو RNA
والبكتيريا خصوصا" لها نوعين من الDNA كما أسلفت
الأول طويل كسلسلة طويلة
والثاني ملتف على نفسه كدائرة أو كخاتم صغير يحتوي على عدد أقل من المورثات لكنه يتميز بقدرته على التضاعف الذاتي وهو البلاسميد
لا تحتوي البكتيريا على غشاء داخلي كما أن مادتها الوراثية تسبح ضمن الخلية وليست محاطة بغلاف خاص ولذلك تنتمي البكتيريا إلى فئة الكائنات الأولية prokaryotes أي أنها لا تحتوي على نواة أو أنها بدائية النوى
ولذلك يكفي تحطيم جدار البكتيريا الخارجي لقتلها وهذا هو أساس عمل كثير من المضادات الحيوية
أما فكرة محاربة الفيروسات بالبكتيريا فهي لا يمكن أن تطبق بسبب فارق الحجم بينهما
فالبكتيريا ذات أحجام تقدر بالميكروغرام أي واحد على مليون من الغرام بينما يقدر حجم الفيروس بالنانو غرام أي واحد على ألف من الميكروغرام أو واحد على بليون من الغرام
فالبكتيريا تفوق الفيروس حجما" بألف مرة على الأقل وبالتالي لا يمكن أن تقتحمه وتدخل فيه بل العكس هو الصحيح حيث أن الكثير من الفيروسات تتطفل على الخلايا البكتيرية كتطفلها على غيرها من الكائنات الحية
علم الآثار
كان الاعتقاد السائد حتى فترة قريبة أن DNA يتحطم تدريجيا" بعد الوفاة حتى يختفي بعد فترة من الوقت حيث تتكفل الجراثيم والعوامل البيثية والتغيرات المناخية بهذه العملية
ولذلك ورغم أن مجموعة باحثين تمكنوا في عام 1984 من عزل كمية صغيرة من DNA من بشرة أحد الخيول التي تعود إلى 140 سنة خلت و المحفوظة في متحف , وتلتها مجموعة أخرى عزلت DNA من مومياء لطفل فرعوني يقدر عمرها ب 2400 سنة إلا أن ذلك تم إرجاعه لظروف الحفظ الجيدة التي تمتعت بها هذه العينات بشكل استثنائي وأن هذا الأمر لا يمكن أن يعمم
كما أن الكمية المعزولة كانت قليلة جدا" بحيث لا تكفي لإجراء دراسات عليها
ولكن اكتشاف PCR أسس علما" قائما" بذاته هو ancient DNA واختصاره aDNA
بفضل PCR, الذي يضخم أي عينة مهما كانت متناهية الصغر إلى ملايين النسخ أمكن مقارنة هذه العينات ودراسة النوع التي تنتمي له (بشرية,حيوانية, نباتية, جرثومية)
ومع ذلك ظل الاعتقاد بأن العينة التي يمكن استخلاص cDNA منها لابد أن تكون استثنائية ومحفوظة بشكل ممتاز ولم تتعرض للتخرب حتى جاء عام 1990 مع ثلاث مجموعات بحثية مختلفة تمكنت من الحصول على المادة الوراثية من عينات صلبة لم يكن يعتقد أن الحصول على DNA ممكن منها وهي العظام والأسنان
ولا أحد يشكو من نقص العظام والأسنان في علم الآثار فهما متوافرتان إلى حد كبير
هذا الأمر فتح شهية الباحثين لاكتشاف الماضي
aDNA يفيد في تحديد النوع والجنس وكذلك العلاقة بين مجموعة وفيما اذا كانوا أقرباء مثلا"
على أنه من الضروري الحذر الشديد عند تفسير النتائج
فالتلوث بDNA آخر هو أهم المشاكل التي ترافق هذا النوع من الأبحاث بسبب هشاشة aDNA
ففي مخابر تعمل يوميا" على عينات مختلفة من DNA يزداد خطر اختلاط العينة الأصلية بعينات أخرى لذلك يفضل استخدام مكان منفصل لتحليل aDNA
كذلك تلوث العينة نفسها بDNA عائد لبكتيريا مثلا"
الأمر الآخر أن أغلب العينات التي تم دراستها تعود إلى DNA الموجود في الميتوكوندريا (mtDNA)وليس إلى DNA الموجود في النواة
الميتوكوندريا هي جزء ضمن الخلية يقوم بالتفاعلات الاستقلابية لانتاج الطاقة
mtDNA هو نوع آخر من DNA متواجد في جميع الكائنات الحية و يختلف عن DNA الموجود في النواة في أنه متوارث فقط من ناحية الأم ولا علاقة للأب به
يساعد mtDNA على العودة إلى أصل الشخص من ناحية الأم أو ما يسمى matrilineality
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق