الاثنين، 7 فبراير 2011

الوراثة البشريّة تعالج 6 آلاف مرض



عُرفت أمراض الوراثة منذ آلاف السنين تحديداً منذ الحضارة الفرعونية إلا أن علاجها انطلق عام 1956، عندما اكتشف العلماء عدد الكروموزومات الصحيح في خلية الإنسان، وبعد ثلاث سنوات اكتُشف مرض داون (الطفل المنغولي)، أول مرض وراثي، ففتح الباب أمام اكتشاف 6 آلاف مرض حتى اليوم، كذلك تطوّرت تقنيات التشخيص والفحص العيادي وعلاج أمراض السكّري ونقص هورمون النمو ومرض فارمان وغيرها.
في كتابها «الوراثة البشرية - الحاضر والمستقبل»، تؤكد د. سامية التمتامي أن التجارب حول الأمراض الوراثية على الحيوانات أوضحت أسس وراثة الصفات في الإنسان، وأن علم الوراثة بدأ يزدهر ليصبح علم المستقبل بعد استخدام طرق الهندسة الوراثية، كتخصص جديد لتشخيص المرض الوراثي.
وراثة جزيئيّة
تشير الباحثة إلى دور الوراثة الجزيئية البشرية في دراسة الحمض النووي DNA، وتُعرف طرق دراسة تركيب الحمض النووي بتكنولوجيا الهندسة الوراثية، وهو أحدث تخصص في علم الوراثة أمكن الاستفادة منه في التشخيص الدقيق لأمراض وراثية لدى المصابين وحاملي المرض والأجنّة قبل الولادة.
يمكن تحديد الإصابة بالمرض الوراثي قبل ظهور أعراضه، إذا كان من النوع الذي يظهر في سن متأخرة، مثل مرض هنتنغتون، وتستخدم هذه الطرق في تحديد مواقع الجينات على الكروموزومات لرسم خريطة الجينات في الإنسان، وتحضير هرمونات من أصل آدمي باستخدام بكتيريا القولون، على غرار هرمون الأنسولين وهرمون النمو، لعلاج مرضى السكري أو نقص هرمون النمو.
وراثة بيوكيماويّة
تختص الوراثة البيوكيماوية بدراسة التغيرات في السوائل البيولوجية، لا سيما في الدم والبول، للكشف عن أمراض وراثية تؤثر في التمثيل الغذائي (الأيض) للبروتينات والكاربوهيدرات (النشويات) والدهون والأحماض العضوية والدهنية.
كذلك، يدرس فرع الوراثة الخلوية التغيرات في الخليّة ويوضح تركيبها الوراثي، مثل دراسة كروماتين الجنس في عيّنة من الغشاء المخاطي المبطّن للفم، ويمكن، بهذه الطريقة، اكتشاف اختلالات مرضية كثيرة في تكوين المرء الجنسي.
أمراض وراثيّة
هناك  أمراض وراثية معروفة، ضمن 6 آلاف مرض، من بينها الأقزمة (نوع من قصر القامة) الذي ينتقل من الوالدين إلى الأبناء بنسبة 50%، فارمان وتظهر أعراضه في طول مفرط في القامة والأطراف التي تكون رفيعة والأصابع عنكبوتية، وفي طول الرأس والوجه.
يتيح تشخيص هذين المرضين المبكر الوقاية من المضاعفات، لا سيما مرض فارمان، مثل حدوث تغيرات في الأوعية الدموية الكبيرة والشريان الأورطي وارتجاع في صمام القلب المتيرالي وأعراض قصر النظر الشديد نتيجة لانتقال عدسة العين، تقوّس في العمود الفقري، تشوّهات في القفص الصدري، من دون أن يرافق ذلك أي نوع من التخلّف العقلي.
يصيب مرض العضلات الميوتوني الطفل بعد بضع سنوات من ولادته ويختلف من شخص إلى آخر، في بدايته يمكن ملاحظة ضعف عضلات الوجه وارتخاء في الجفون وعضلات الجذع والساقين، فيعجز الطفل عن التعبير بوجهه، وكثيراً ما ترافق هذا المرض، إصابة عدسة العين بالمياه البيضاء «الكاتاركت».
 ضرورة التمييز بين هذا المرض وأمراض أخرى تصيب العضلات تنتقل بالوراثة. تزداد مضاعفاته حين يصيب الأم وينتقل إلى المولود في سن مبكرة، قد تبدأ منذ الولادة مباشرة.
الوصايا الـ 10
استشارة طبيب متخصص بالأمراض الوراثية قبل الزواج وأثناء الحمل وبعد الولادة وفي أي فترة من فترات عمر الطفل، للوقاية من الإصابة بالأمراض الوراثية والعيوب الخلقية، وحددت ما سمى بالوصايا العشر:
- إخضاع المقبلين على الزواج للفحوص والتحاليل الطبية والوراثية اللازمة، بعد إجراء دراسة مفصلة لتاريخ العائلة المرضي.
- تجنّب زواج الأقارب، خصوصاً أبناء أو بنات العم أو الخال، إذ تتضاعف في هذه الحالة احتمالات حدوث عيوب خلقية وأمراض وراثية لدى الأطفال حتى لو لم يكن ثمة تاريخ لأمراض وراثية في العائلة.
- تجنب الإنجاب بعد بلوغ الأم 35 سنة، لأنه يزيد احتمال إصابة المولود بمرض داون «الطفل المنغولي».
- عدم التعرّض لملوثات البيئة في أي سن، مثل الإشعاع أو الكيماويات والمبيدات، أو تناول عقاقير طبية من دون استشارة الطبيب.
تسبب هذه المؤثرات طفرة وراثية على مستوى الكروموزومات أو الجينات، ما يؤثر على صحة الأجيال المقبلة، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالسرطان لدى الجيل الذي تعرّض لهذه الملوثات.
- إجراء كشف طبي دقيق للأطفال، حديثي الولادة، لضمان الاكتشاف المبكر للعيوب الخلقية التي يجب علاجها مبكراً أو الوقاية منها كي لا تظهر لدى الأطفال الذين يولدون بعد ذلك في الأسرة نفسها.
- متابعة الحمل باستخدام الأشعة فوق الصوتية، ابتداء من الأسبوع السادس عشر، كذلك إجراء تحليل لدم الأم لمعرفة مستوى مادة «الألفا فيتو بروتين» والوقاية من إصابة الجنين بعدم التحام في القناة العصبية واختلال الكروموزومات.
- تحديد فصيلة الدم RH للحامل، وإعطاء المصل الواقي من ولادة أطفال معرضين للإصابة بالأنيميا والصفراء الشديدة، إذا كانت فصيلة الأم RH سالب RH-VE، وفصيلة الزوج RH موجب RH-VE.
-إعطاء الأم المصل المضاد للأجسام المناعية خلال 48 ساعة بعد الولادة، لتجنب حدوث المرض العصبي «البرقان النووي»، الذي يؤثر في وظائف المخ لدى الطفل.
- دعم مراكز بحوث الأمراض الوراثية واستخدام أحدث الطرق التكنولوجية للتشخيص المبكر، على غرار الطرق المعتمدة في الهندسة الوراثية.
- التوعية من هذه الأمراض وإلقاء الأضواء على أعراضها واستشارة الطبيب في وقت مبكر.
- وضع سجلات للمصابين بأمراض وراثية، ما يفيد في إجراء التحاليل الإحصائية لاكتشاف حاملي المرض من الأقارب، والتأكد من ذلك بالفحوص الوراثية أو الاستعانة بالبرامج التشخيصية الحديثة لتشخيص الأمراض النادرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق