أنشأت أولى البنوك في العالم لحفظ الأموال ، وكانت تعتبر فتحا كبيرا في عالم الاقتصاد والأموال ، وهنا عرف معنى كلمة بنك وهو المكان الذي تحفظ فيه أموال المودعين ، ويستردونها في حالة الحاجة إليها . وجاء تطور الطب عبر السنين باكتشاف عمليات نقل الدم والاستفادة منه . ولعدم إمكانية تصنيع الدم صناعيا ، فقد قام العلماء على إيجاد طريقة لحفظ كميات كبيرة من الدم المتبرع للاستفادة منها في حالات الحرب والسلم . وحاليا بدأ النوع الجديد من البنوك بالظهور والتي بدأت تأخذ طريقا جديدا من خلال اكتشاف فوائد دم الحبل السري الذي يعتبر أحد معجزات الولادة والذي لم يهتم إليه أحد سابقا ، واصبح الآن منقذا لحياة آلاف من المرضى ، ولكون هذا الدم يحتوي على كمية من الخلايا الجذعية القادرة على إعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي لدى المرضى المصابين بأمراض كابيضاض الدم leukemia وأنواع أخرى من السرطان ، مما أهله لأن يكون المنقذ في علاج الكثير من الأمراض . ولأن هذا الدم يتم الحصول عليه أثناء عملية الولادة ( وهو وقت محدود نسبيا ) ، فلابد من حفظه في ظروف خاصة للاستفادة منه في علاج الكثير من الأمراض ، ويبشر استعمال دم الحبل السري بآفاق جديدة في عالم الطب والعلاج .
يعتبر الحبل السري مصدرا غنيا للخلايا الجذعية المصنعة للدم Hematopoietic stem cells ، وهي السليفة لكل ما يحتويه الدم ، بدءا من الخلايا الدموية البيض white blood cells المقاومة للعدوى ، والخلايا الحمر red blood cells الحاملة للأوكسجين ، إلى الصفائح الدموية platelets التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما .
وتكفي الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia ( وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيض بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيمياوية ) ، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة .
وعند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نقي (نخاع) العظم bone marrow الذي يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية . ولكن لسوء الحظ كان الكثيرون يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض . أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق النقي الممنوح تطابقا جيدا ؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة ، فهو اكثر احتمالا للتطابق الجيد واقل احتمالا لأحداث المضاعفات لان الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقي العظم عند البالغين ، وكذلك تتميز بأنها اكثر تحملا tolerance .
وعلى الرغم من أن العلاج بهذه الطريقة لا يشمل علاج جميع الأمراض . ولكن العلماء يتأملون بإمكانية تطوير هذه الطريقة العلاجية لتشمل علاج أمراض أخرى في المستقبل القريب ، ولكون هذه الطريقة قد حققت نجاحات كبيرة ، فأن العلماء ينظرون إليها نظرة مشرقة في سبيل تحقيق مكاسب طبية كبيرة . ومن أهم الأمراض التي يسعى العلماء الآن لتحقيق نجاحات فيها ، وقد تم فعلا النجاح في قسم منها :
1. أمراض الدم: ابيضاض الدم leukemia باختلاف أنواعه الحادة والمزمنة ، وفقر الدم بأنواعه المختلفة ( فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia ، فقر الدم الفرانكفوني ، فقر الدم الغير مستجيب للعلاج ، الخ ... ) .
2. أمراض النخاع الشوكي .
3. مرض هوجكن Hodgkin's disease.
4. أنواع متعددة من السرطان ( سرطان الثدي ، سرطان الدم ، سرطان الكلى ، الخ ... ) .
5. أمراض جهاز المناعة ( نقص خلايا T ، نقص خلايا B ، إعادة تشكيل الجهاز المناعي للرضع المولودين ولديهم عوز مناعي مشترك sever combined immunodeficiency ، الخ ... ) .
6. متلازمة هرلر Hurler's syndrome ، التي تسبب تنكسا عصبيا مستفحلا يؤدي في النهاية إلى الوفاة . وفي هذه الحال يستفاد من الخلايا الجذعية ليس فقد لتكوين خلايا الدم الحمراء والبيضاء ، بل أيضا في تكوين خلايا داعمة للدماغ .
وهناك آمال كبيرة من العلماء على هذا النوع من العلاج لتحقيق فتحا مهما في مجال الطب والعلاج الحديث .
بعد التعرف على المميزات الواضحة لاغتراس دم الحبل السري ، قامت عدة مراكز طبية ومستشفيات وبعض الجامعات بتأسيس بنوك لحفظ دم الحبل السري ، تمكن الأم الراغبة في منح دم الحبل السري الخاص بوليدها ليستعمل من قبل الغرباء المحتاجين إليه . وقد أنشأت الكثير من هذه البنوك وانتشرت في أنحاء مختلفة من العالم ، منها الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا وإيطاليا وتايوان وسنغافورة وبريطانيا واستراليا .
يهدف اغتراس دم الحبل السري إلى الحصول على مصدر للخلايا الجذعية الأكثر تطابقا مع النوع النسيجي لمريض معين . وهناك ست جينات رئيسية Human Leukocyte Antigens أو HLA ( وهي توجد على سطوح جميع خلايا الجسم ، ومن خلالها يتعرف جهاز المناعة على الخلايا ويتعامل معها على أساس كونها خلايا طبيعية ، أي تنتمي للذات ( self ) وما عدا ذلك يقوم بقتلها باعتبارها لا تنتمي للذات non-self . ومن هذه الجينات الست يمتلك كل شخص نسختين ( أو اليلين alleles ) لكل جينة من الجينات الست ، كل نسخة منهما تعود لأحد الأبوين ، ( يوجد من كل اليل أكثر من 30 نوعا مختلفا ) . ومن أجل اغتراس نقي العظم يهدف الأطباء إلى مطابقة الاليلات الستة ( من أصل 12 ) الأكثر ملائمة للاغتراس من الناحية السريرية . ولكن بسبب الاختلاف المناعي لخلايا دم الحبل السري عن خلايا نقي العظم ، يستطيع الأطباء استعمال عينات من دم الحبل السري تطابق خمسة فقط – أو حتى ثلاثة – من اليلات HLA . تتوضع النسخ الجينية المسؤولة عن صناعة بروتينات HLA على الصبغي رقم 6 . وبحسب قواعد علم الوراثة يكون احتمال أن يرث أخوان الصبغي رقم 6 نفسه من الأب والأم ، ومن ثم أن يكونا متطابقين نسيجيا بشكل جيد ، هو 25 % فقط .
إن الاختلافات في الجهاز المناعي للوليد يؤدي إلى تقليل احتمال قيام الخلايا المناعية في الحبل السري لديه بمهاجمة نسج المتلقي ( على أنها غريبة ) ، وبذلك تكون الخلايا المناعية في دم الحبل السري اقل إحداثا للضرر من ضرر خلايا نقي العظم . حيث أن تلقي غرسة من نقي عظم شخص لا يطابق النوع النسيجي للمريض بشكل جيد يمكن أن يكون مميتا ، في حالة إذا نجت كمية ولو قليلة جدا من الخلايا المناعية مؤدية إلى حصول داء الطعم حيال العائل Graft-versus-host disease أو GVHD ( وهي ظاهرة تتسم بمهاجمة الخلايا المغترسة ) ، وتقوم هذه الخلايا بمهاجمة جسم المتلقي على انه غريب . وتؤدي هذه الظاهرة إلى الإصابة بطفح جلدي مصحوب بقروح ، إضافة إلى أذية كبدية ، يمكن أن تتطور إلى فشل كبدي أو نزيف شديد بالجهاز العصبي ، وقد يؤدي هذا المرض سريعا إلى الوفاة .
يعتقد العلماء بأن مستقبل العلاج سيكون معتمدا على نقل دم الحبل السري . وسيوظف هذا التطور في تقوية جهاز المناعة لعلاج أمراض كالإيدز و السرطان . وتتميز هذه الطريقة بوجود الكثير من الفوائد التي تميزها عن عملية اغتراس خلايا من نقي العظم ، والتي تبشر بأفاق جديدة لتطور الطب الحديث وتفتح أبوابا في العلاج :
1. وجود عدد غير محدد من المتبرعين ( حيث أن أغلب الأطفال الأصحاء جنينيا وجسديا بإمكان أهاليهم التبرع بهذا الدم ) .
2. وجود استجابة أكبر للخلايا المنقولة من الحبل السري منه للخلايا المنقولة من نقي العظم .
3. يمكن خزنه للاستعمال الشخصي ( للطفل المولود نفسه ) أو يمكن التبرع به للآخرين .
4. انخفاض الإصابة بالمرض القاتل GVHD .
5. انخفاض التكاليف المادية .
6. قلة الآثار الجانبية .
7. سهولة الحصول عليه من دون خطر أو ألم على الأم أو الطفل .
ولكن مع وجود هذه الفوائد فهناك بعض المخاطر أو السلبيات في غرس دم الحبل السري ، ومن هذه السلبيات :
• احتمال وجود أخطاء وراثية ( جينية ) في الخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، مما يمكن أن يسبب مرضا عند المتلقي وهذه الحالات – التي تشمل فقر الدم الخلقي أو نقص المناعة – قد لا تظهر عند المانح إلا بعد عدة شهور أو سنوات . يكون دم حبله السري قد نقل خلالها إلى أشخاص آخرين ، ويمكن لبنوك دم الحبل السري أن تتجنب هذا الخطر بدرجة كبيرة عن طريق إجراء ما يشبه الحجر الصحي للدم مدة تتفاوت بين 6 و 12 شهرا تتصل خلالها بعائلة المانح للتأكد من تمتعه بصحة جيدة .
• وهناك سلبية أخرى لدم الحبل السري تتمثل في احتواء العينة الواحدة منه على عدد قليل نسبيا من الخلايا الجذعية . فمع أن دم الحبل السري يمكن أن يستعمل للاغتراس لدى البالغين ، توضح الدراسات انه بسبب العدد المحدود للخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، يستفيد المرضى الأضخم حجما ( الأكبر عمرا ) بشكل أقل من المرضى الأصغر حجما ( الأحدث عمرا ) . ويعمل الباحثون الآن على استحداث عدة طرق من أجل زيادة عدد الخلايا الجذعية في عينات دم الحبل السري عن طريق استعمال المغذيات nutrients وعوامل النمو growth factor . وكذلك يقومون بهندسة الخلايا الجذعية جنينا من أجل إصلاح الاضطرابات الوراثية كالعوز المناعي المشترك severe combined immunodeficiency ففي هذه الحالة ، يجمع الأطباء دم الحبل السري الخاص بالمريض ، ثم يقحمون جينات سوية في الخلايا الجذعية لدم الحبل السري ، ثم يعيدون حقن الخلايا في جسم الطفل .
يبشر كل ذلك باستعمالات اكثر إثارة لدم الحبل السري . فإذا احتفظ بهذا الدم الخاص بمولود به خلل وراثي في نقي عظامه أو في دمه . يمكن عن طريق الهندسة الجينية إصلاح الخلل في دمه الذي تم جمعه ، ومن ثم يحقن الطفل به . وبذلك لن يعاني هذا الطفل أبدا من التأثيرات السلبية لمورث الجيني . وبخلاف ذلك ، يمكن أن يعالج مثل هذا الطفل بحقن خلايا جذعية من عينة دم حبل سري – كامل التطابق – لمانح من غير الأقرباء عن طريق بنك الدم .
استعمالات أخرى لدم الحبل السري :
• نجح العلماء في استخدام الخلايا الجذعية في دم الحبل السري بتحويلها إلى خلايا مخ لدى الفئران . وهذا الإنجاز يبشر بفتح آفاق جديدة لاستخدامات أخرى لدم الحبل السري . حيث قام العلماء باستخلاص الخلايا المولدة من دماء الحبل السري . وإضافة حامض الريتينوك Retinoic acid وهرمون النمو لتحويلها إلى خلايا عصبية غير ناضجة . ثم حقنها في أوردة الفئران التي تعاني من جلطات دماغية . ونجحت هذه الطريقة في علاج الحيوانات بطريقة مذهلة . وتم الحصول على أفضل النتائج في حالة استخدام هذه الطريقة خلال اليوم الأول من حدوث الجلطة . وقد تمكنت الفئران التي حقنت من الحركة بصورة افضل ، وبعد شهر لوحظ تحسن بمعدل 80% . ولوحظ أن الخلايا التي حقنت حلت محل الخلايا المدمرة ، ليس هذا فقط بل عززت في ما يبدو من عملية علاج التلف في الدماغ .
• كما يقوم العلماء على استثمار هذه الخلايا الجذعية في عمليات إنتاج خلايا الكبد والعظام والغضاريف وعضلات القلب .
• كما تم الاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في الحبل السري في علاج طفلة كانت تعاني من ورم أرومة العصبي Neuroblastoma.
وقد أثبت دم الحبل السري نجاحه ، وقد يغني في المستقبل عن المصادر الأخرى للخلايا الجذعية ليحل دم الحبل السري محلها ، لكونه لا يشكل خطرا على الأم أو الطفل ، ويختلف مناعيا ، وسهولة الحصول عليه ، بالإضافة إلى سهولة التعامل معه وتكثيره و وإمكانية حفظه لفترات طويلة ، وقلة الأخطار من استعماله ، وقلة القيود الأخلاقية على استخدام هذا النوع من الخلايا .
يعتبر الحبل السري مصدرا غنيا للخلايا الجذعية المصنعة للدم Hematopoietic stem cells ، وهي السليفة لكل ما يحتويه الدم ، بدءا من الخلايا الدموية البيض white blood cells المقاومة للعدوى ، والخلايا الحمر red blood cells الحاملة للأوكسجين ، إلى الصفائح الدموية platelets التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما .
وتكفي الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia ( وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيض بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيمياوية ) ، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة .
وعند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نقي (نخاع) العظم bone marrow الذي يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية . ولكن لسوء الحظ كان الكثيرون يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض . أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق النقي الممنوح تطابقا جيدا ؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة ، فهو اكثر احتمالا للتطابق الجيد واقل احتمالا لأحداث المضاعفات لان الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقي العظم عند البالغين ، وكذلك تتميز بأنها اكثر تحملا tolerance .
وعلى الرغم من أن العلاج بهذه الطريقة لا يشمل علاج جميع الأمراض . ولكن العلماء يتأملون بإمكانية تطوير هذه الطريقة العلاجية لتشمل علاج أمراض أخرى في المستقبل القريب ، ولكون هذه الطريقة قد حققت نجاحات كبيرة ، فأن العلماء ينظرون إليها نظرة مشرقة في سبيل تحقيق مكاسب طبية كبيرة . ومن أهم الأمراض التي يسعى العلماء الآن لتحقيق نجاحات فيها ، وقد تم فعلا النجاح في قسم منها :
1. أمراض الدم: ابيضاض الدم leukemia باختلاف أنواعه الحادة والمزمنة ، وفقر الدم بأنواعه المختلفة ( فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia ، فقر الدم الفرانكفوني ، فقر الدم الغير مستجيب للعلاج ، الخ ... ) .
2. أمراض النخاع الشوكي .
3. مرض هوجكن Hodgkin's disease.
4. أنواع متعددة من السرطان ( سرطان الثدي ، سرطان الدم ، سرطان الكلى ، الخ ... ) .
5. أمراض جهاز المناعة ( نقص خلايا T ، نقص خلايا B ، إعادة تشكيل الجهاز المناعي للرضع المولودين ولديهم عوز مناعي مشترك sever combined immunodeficiency ، الخ ... ) .
6. متلازمة هرلر Hurler's syndrome ، التي تسبب تنكسا عصبيا مستفحلا يؤدي في النهاية إلى الوفاة . وفي هذه الحال يستفاد من الخلايا الجذعية ليس فقد لتكوين خلايا الدم الحمراء والبيضاء ، بل أيضا في تكوين خلايا داعمة للدماغ .
وهناك آمال كبيرة من العلماء على هذا النوع من العلاج لتحقيق فتحا مهما في مجال الطب والعلاج الحديث .
بعد التعرف على المميزات الواضحة لاغتراس دم الحبل السري ، قامت عدة مراكز طبية ومستشفيات وبعض الجامعات بتأسيس بنوك لحفظ دم الحبل السري ، تمكن الأم الراغبة في منح دم الحبل السري الخاص بوليدها ليستعمل من قبل الغرباء المحتاجين إليه . وقد أنشأت الكثير من هذه البنوك وانتشرت في أنحاء مختلفة من العالم ، منها الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا وإيطاليا وتايوان وسنغافورة وبريطانيا واستراليا .
يهدف اغتراس دم الحبل السري إلى الحصول على مصدر للخلايا الجذعية الأكثر تطابقا مع النوع النسيجي لمريض معين . وهناك ست جينات رئيسية Human Leukocyte Antigens أو HLA ( وهي توجد على سطوح جميع خلايا الجسم ، ومن خلالها يتعرف جهاز المناعة على الخلايا ويتعامل معها على أساس كونها خلايا طبيعية ، أي تنتمي للذات ( self ) وما عدا ذلك يقوم بقتلها باعتبارها لا تنتمي للذات non-self . ومن هذه الجينات الست يمتلك كل شخص نسختين ( أو اليلين alleles ) لكل جينة من الجينات الست ، كل نسخة منهما تعود لأحد الأبوين ، ( يوجد من كل اليل أكثر من 30 نوعا مختلفا ) . ومن أجل اغتراس نقي العظم يهدف الأطباء إلى مطابقة الاليلات الستة ( من أصل 12 ) الأكثر ملائمة للاغتراس من الناحية السريرية . ولكن بسبب الاختلاف المناعي لخلايا دم الحبل السري عن خلايا نقي العظم ، يستطيع الأطباء استعمال عينات من دم الحبل السري تطابق خمسة فقط – أو حتى ثلاثة – من اليلات HLA . تتوضع النسخ الجينية المسؤولة عن صناعة بروتينات HLA على الصبغي رقم 6 . وبحسب قواعد علم الوراثة يكون احتمال أن يرث أخوان الصبغي رقم 6 نفسه من الأب والأم ، ومن ثم أن يكونا متطابقين نسيجيا بشكل جيد ، هو 25 % فقط .
إن الاختلافات في الجهاز المناعي للوليد يؤدي إلى تقليل احتمال قيام الخلايا المناعية في الحبل السري لديه بمهاجمة نسج المتلقي ( على أنها غريبة ) ، وبذلك تكون الخلايا المناعية في دم الحبل السري اقل إحداثا للضرر من ضرر خلايا نقي العظم . حيث أن تلقي غرسة من نقي عظم شخص لا يطابق النوع النسيجي للمريض بشكل جيد يمكن أن يكون مميتا ، في حالة إذا نجت كمية ولو قليلة جدا من الخلايا المناعية مؤدية إلى حصول داء الطعم حيال العائل Graft-versus-host disease أو GVHD ( وهي ظاهرة تتسم بمهاجمة الخلايا المغترسة ) ، وتقوم هذه الخلايا بمهاجمة جسم المتلقي على انه غريب . وتؤدي هذه الظاهرة إلى الإصابة بطفح جلدي مصحوب بقروح ، إضافة إلى أذية كبدية ، يمكن أن تتطور إلى فشل كبدي أو نزيف شديد بالجهاز العصبي ، وقد يؤدي هذا المرض سريعا إلى الوفاة .
يعتقد العلماء بأن مستقبل العلاج سيكون معتمدا على نقل دم الحبل السري . وسيوظف هذا التطور في تقوية جهاز المناعة لعلاج أمراض كالإيدز و السرطان . وتتميز هذه الطريقة بوجود الكثير من الفوائد التي تميزها عن عملية اغتراس خلايا من نقي العظم ، والتي تبشر بأفاق جديدة لتطور الطب الحديث وتفتح أبوابا في العلاج :
1. وجود عدد غير محدد من المتبرعين ( حيث أن أغلب الأطفال الأصحاء جنينيا وجسديا بإمكان أهاليهم التبرع بهذا الدم ) .
2. وجود استجابة أكبر للخلايا المنقولة من الحبل السري منه للخلايا المنقولة من نقي العظم .
3. يمكن خزنه للاستعمال الشخصي ( للطفل المولود نفسه ) أو يمكن التبرع به للآخرين .
4. انخفاض الإصابة بالمرض القاتل GVHD .
5. انخفاض التكاليف المادية .
6. قلة الآثار الجانبية .
7. سهولة الحصول عليه من دون خطر أو ألم على الأم أو الطفل .
ولكن مع وجود هذه الفوائد فهناك بعض المخاطر أو السلبيات في غرس دم الحبل السري ، ومن هذه السلبيات :
• احتمال وجود أخطاء وراثية ( جينية ) في الخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، مما يمكن أن يسبب مرضا عند المتلقي وهذه الحالات – التي تشمل فقر الدم الخلقي أو نقص المناعة – قد لا تظهر عند المانح إلا بعد عدة شهور أو سنوات . يكون دم حبله السري قد نقل خلالها إلى أشخاص آخرين ، ويمكن لبنوك دم الحبل السري أن تتجنب هذا الخطر بدرجة كبيرة عن طريق إجراء ما يشبه الحجر الصحي للدم مدة تتفاوت بين 6 و 12 شهرا تتصل خلالها بعائلة المانح للتأكد من تمتعه بصحة جيدة .
• وهناك سلبية أخرى لدم الحبل السري تتمثل في احتواء العينة الواحدة منه على عدد قليل نسبيا من الخلايا الجذعية . فمع أن دم الحبل السري يمكن أن يستعمل للاغتراس لدى البالغين ، توضح الدراسات انه بسبب العدد المحدود للخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، يستفيد المرضى الأضخم حجما ( الأكبر عمرا ) بشكل أقل من المرضى الأصغر حجما ( الأحدث عمرا ) . ويعمل الباحثون الآن على استحداث عدة طرق من أجل زيادة عدد الخلايا الجذعية في عينات دم الحبل السري عن طريق استعمال المغذيات nutrients وعوامل النمو growth factor . وكذلك يقومون بهندسة الخلايا الجذعية جنينا من أجل إصلاح الاضطرابات الوراثية كالعوز المناعي المشترك severe combined immunodeficiency ففي هذه الحالة ، يجمع الأطباء دم الحبل السري الخاص بالمريض ، ثم يقحمون جينات سوية في الخلايا الجذعية لدم الحبل السري ، ثم يعيدون حقن الخلايا في جسم الطفل .
يبشر كل ذلك باستعمالات اكثر إثارة لدم الحبل السري . فإذا احتفظ بهذا الدم الخاص بمولود به خلل وراثي في نقي عظامه أو في دمه . يمكن عن طريق الهندسة الجينية إصلاح الخلل في دمه الذي تم جمعه ، ومن ثم يحقن الطفل به . وبذلك لن يعاني هذا الطفل أبدا من التأثيرات السلبية لمورث الجيني . وبخلاف ذلك ، يمكن أن يعالج مثل هذا الطفل بحقن خلايا جذعية من عينة دم حبل سري – كامل التطابق – لمانح من غير الأقرباء عن طريق بنك الدم .
استعمالات أخرى لدم الحبل السري :
• نجح العلماء في استخدام الخلايا الجذعية في دم الحبل السري بتحويلها إلى خلايا مخ لدى الفئران . وهذا الإنجاز يبشر بفتح آفاق جديدة لاستخدامات أخرى لدم الحبل السري . حيث قام العلماء باستخلاص الخلايا المولدة من دماء الحبل السري . وإضافة حامض الريتينوك Retinoic acid وهرمون النمو لتحويلها إلى خلايا عصبية غير ناضجة . ثم حقنها في أوردة الفئران التي تعاني من جلطات دماغية . ونجحت هذه الطريقة في علاج الحيوانات بطريقة مذهلة . وتم الحصول على أفضل النتائج في حالة استخدام هذه الطريقة خلال اليوم الأول من حدوث الجلطة . وقد تمكنت الفئران التي حقنت من الحركة بصورة افضل ، وبعد شهر لوحظ تحسن بمعدل 80% . ولوحظ أن الخلايا التي حقنت حلت محل الخلايا المدمرة ، ليس هذا فقط بل عززت في ما يبدو من عملية علاج التلف في الدماغ .
• كما يقوم العلماء على استثمار هذه الخلايا الجذعية في عمليات إنتاج خلايا الكبد والعظام والغضاريف وعضلات القلب .
• كما تم الاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في الحبل السري في علاج طفلة كانت تعاني من ورم أرومة العصبي Neuroblastoma.
وقد أثبت دم الحبل السري نجاحه ، وقد يغني في المستقبل عن المصادر الأخرى للخلايا الجذعية ليحل دم الحبل السري محلها ، لكونه لا يشكل خطرا على الأم أو الطفل ، ويختلف مناعيا ، وسهولة الحصول عليه ، بالإضافة إلى سهولة التعامل معه وتكثيره و وإمكانية حفظه لفترات طويلة ، وقلة الأخطار من استعماله ، وقلة القيود الأخلاقية على استخدام هذا النوع من الخلايا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق